فصل: من فوائد الشعراوي في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97)}.
الله تبارك وتعالى أراد أن يلفتنا إلي أن اليهود لم يقتلوا الأنبياء ويحرفوا التوراة ويشتروا بآيات الله جاه الدنيا فقط.. ولكنهم عادوا الملائكة أيضا.. بل إنهم أضمروا العداوة لأقرب الملائكة إلي الله الذي نزل بوحي القرآن وهو جبريل عليه السلام.. وأنهم قالوا جبريل عدو لنا.
الخطاب هنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولقد جلس ابن جوريا أحد أحبار اليهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له من الذي ينزل عليك بالوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل.. فقال اليهودي لو كان غيره لآمنا بك.. جبريل عدونا لأنه ينزل دائما بالخسف والعذاب.. ولكن ميكائيل ينزل بالرحمة والغيث والخصب.. وأيضا هو عدوهم لأنهم اعتقدوا أن بيت المقدس سيخربه رجل اسمه بختنصر، فأرسل اليهود إليه من يقتله.. فلقى اليهودي غلاما صغيرا وسأله الغلام ماذا تريد؟ قال إني أريد أن أقتل بختنصر لأنه عندنا في التوراة هو الذي سيخرب بيت المقدس.. فقال الغلام إن يكن مقدرا أن يخرب هذا الرجل بيت المقدس فلن تقدر عليه.. لأن المقدر نافذ سواء رضينا أم لم نرضى.. وإن لم يكن مقدرا فلماذا تقتله؟ أي أن الطفل قال له إذا كان الله قد قضى في الكتاب أن بختنصر سيخرب بيت المقدس.. فلا أحد يستطيع أن يمنع قضاء الله.. ولن تقدر عليه لتقتله وتمنع تخريب بيت المقدس على يديه.. وإن كان هذا غير صحيح فلماذا تقتل نفسا بغير ذنب.. فعاد اليهودي دون أن يقتل بختنصر.. وعندما رجع إلي قومه قالوا له إن جبريل هو الذي تمثل لك في صورة طفل وأقنعك ألا تقتل هذا الرجل.
ويروي أن سيدنا عمر بن الخطاب كان له أرض في أعلى المدينة.. وكان حين يذهب إليها يمر على مدارس اليهود ويجلس إليهم.. وظن اليهود أن مجلس عمر معهم إنما يعبر عن حبه لهم.. فقالوا له إننا نحبك ونحترمك ونطمع فيك.. ففهم عمر مرادهم فقال والله ما جالستكم حبا فيكم.. ولكني أحببت أن أزداد تصورا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلم عنه ما في كتابكم.. فقالوا له ومن يخبر محمدا بأخبارنا وأسرارنا؟ فقال عمر إنه جبريل ينزل عليه من السماء بأخباركم.. قالوا هو عدونا.. فقال عمر كيف منزلته من الله؟ قالوا إنه يجلس على يمين الله وميكائيل يجلس على يسار الله.. فقال عمر مادام الأمر كما قلتم فليس أحدهما عدوًا للآخر لأنهما عند الله في منزلة واحدة.. فمن كان عدوا لأحدهما فهو عدو لله.. فلن تشفع لكم عداوتكم لجبريل ومحبتكم لميكائيل لأن منزلتهما عند الله عالية.
إن عداوتهم لجبريل عليه السلام تؤكد ماديتهم.. فهم يقيسون الأمر على البشر.. إن الذي يجلس على يمين السيد ومن يجلس على يساره يتنافسان على المنزلة عنده.. ولكن هذا في دنيا البشر.. ولكن عند الملائكة لا شيء من هذا.. الله عنده ما يجعله يعطي لمن يريد المنزلة العالية دون أن ينقص من الآخر.. ثم إن الله سبحانه وتعالى اسمه الحق.. وما ينزل به جبريل حق وما ينزل به ميكائيل حق.. والحق لا يخاصم الحق.. وقال لهم عمر أنتم أشد كفرا من الحمير.. ثم ذهب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكد الرسول يراه حتى قال له وافقك ربك يا عمر.. وتنزل قول الله تبارك وتعالى: {قل من كان عدوًا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين} فقال عمر يا رسول الله.. إني بعد ذلك في إيماني لأصلب من الجبل.
إذن فقولهم ميكائيل حبيبنا وجبريل عدونا من الماديات، والله تبارك وتعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم.. إنهم يعادون جبريل لأنه نزل على قلبك بإذن الله.. ومادام نزل من عند الله على قلبك.. فلا شأن لهم بهذا.. وهو مصدق لما بين يديهم من التوراة.. وهو هدى وبشرى للمؤمنين.. فأي عنصر من هذه العناصر تنكرونه على جبريل.. إن عداوتكم لجبريل عداوة لله سبحانه وتعالى. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله تعالى: {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ} {مَنْ} شرطية في محلّ رفع بالابتداء، و{كان} خبره على ما هو الصحيح كما تقدم، وجوابه محذوف تقديره: من كان عدوًّا لجبريل فلا وجه لعداوته، أو فليمت غيظًا ونحوه.
ولا جائز أن يكون {فَإِنَّهُ نَزَّلهُ} جوابًا للشرط لوجهين:
أحدهما: من جهة المعنى.
والثاني: من جهة الصناعة.
أما الأول: فلأن فعل التنزيل متحقّق المضي؛ والجزاء لا يكون إلا مستقبلًا.
ولقاتل أن يقول: هذا محمول على التَّبين، والمعنى: فقد تبين أنه نزله، كما قالوا في قوله: {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ} [يوسف: 27] ونحوه.
وأما الثاني: فلأنه لابد من جملة الجزاء من ضمير يعود على اسم الشرط فلا يجوز: مَنْ يقم فزيد منطلق، ولا ضمير شفي قوله: {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ} يعود على {مَنْ} فلا يكون جوابًا للشرط، وقد جاءت ماضع كثيرة من ذلك، ولكنهم أَوَّلُوهَا على حذف العائدن فمن ذلك قوله: الوافر:
فَمَنْ تكُنِ الْحَضَارَةُ أَعْجَبَتْهُ ** فَأَيَّ رِجَالِ بَادِيَةٍ تَرَانَا

وقوله: الطويل:
فَمَن يِكُ أَمْسَى بِالْمَدينَةِ رَحْلُهُ ** فَإِنِّي وَقَيَّارٌ بَهَا لَغَرِيبُ

وينبغي أن بينى ذلك على الخلاف في خبر اسم الشَّرْط.
فإن قيل: إنَّ الخبر هو الجزاء وحده أو هو الشَّرْط فلابد من الضمير، وإن قيل بإنه فعل الشَّرْط، فلا حاجة إلى الضمير، وقد تقدم قول أبي البقاء وغيره في ذلك عند قوله تعالى: {فَمَنْ تَبعَ هُدَايَ}، وقد صّرح الزمخشري رحمه الله بأنه جواب الشَّرْط، وفيه النَّظر المذكور، وجوابه ما تقدم.
و{عَدُوًّا} خبر {كان}، ويستوي فيه الواجد غيره، قال: {هُمُ العَدُوُّ} والعَدَاوَةُ: التجاو قال الرَّاغب: فبالبقلب يقال: العداوة وبالمشي يقال: العدو، وبالإخلال في العدل يقال: العدوان وبالمكان أو النسب يقال: قوم عِدَي أي غرباء.
و{لِجْبِريلَ} يجوز أن يكون صفة ل {عَدُوًّا} فيتعلّق بمحذوف، أو تكون اللام مقوية لتعدية {عَدُوًّا} إليه.
و{جبريل} اسم ملك وهو أعجمي، فلذلك لم ينصرف، وقول من قال: إنّه مشتقّ من جبروت الله: بعيد؛ لأن الاشتقاق لا يكون في الاسماء الأعجمية، وكذا قول من قال: إنه مركّب تركيب الإضافة، وأن جبر معناه: عبد، وإيل اسم من أسماء الله تعالى فهو بمنزلة عبد الله؛ لأنه كان ينبغي أن يجرى الأول بوجوه الإعراب وأن ينصرب الثاني وهذا القول مَرْوِيّ عن ابن عَبَّاس، وجماعة من أهل العلم، فقال أبو علي السّنوي: وهذا لايصحّ لوجهين:
أحدهما: أنه لايعرف من أسماء الله إيل.
والثاني: أنه لو كان كذلك لكان آخر الاسم مجرورًا.
وقال المهدوي: إنه مركّب تركيب مرج نحو: حضرموت وهذا بعيد أيضًا؛ لأنه كان ينبغي أن يبنى الأول على الفتح ليس إلاّ.
وَرَدَّ عليه أبو حَيَّان بأنه لو كان مركبًا تركيب مزج لجاز فيه أن يعرب إعراب المُتَضَايفين، أو يبنى على الفَتْح كأحد عشر، فإن كلّ ما ركب تركيب المزج يجوز فيه هذه الأوجه، وكونه لم يسمع فيه البناء، ولا جريانه مجرى المتضايفين دليل على عدم تركيبه تركيب المزج وهذا الرد لا يحسن ردَّا؛ لأنه جاء على أحد الجائزين، واتفق أنه لم يستعمل إلا كذلك.
قال القرطبي رحمه الله تعالى: والصَّحيح في هذه الألفاظ أنها عربية نزل بها جبريل عليه الصَّلاة والسَّلام بلسان عربي مبين.
قال النحاس: ويجمع جبريل على التكسير جباريل، وقد تصرفت فيه العرب على عادتها في الاسماء الأعجمية، فجاءت فيه بثلاث عشر لغة.
أشهرها وأفصحها: {جبريل} بزنة قِنْديل، وهي قراءة أبي عمرو، ونافع وابنِ عامرِ ومحفْصِ عن عاصم، وهي لغة الحجاز؛ قال ورقةُ بنُ نَوْفَلِ: الطويل:
وَجِبْرِيلُ يَأْتِيهِ وَمِيكَالُ مَعْهُمَا ** مِنَ اللهِ وَحْيٌ يَشْرحُ الصَّدْرَ مُنْزَلُ

وقال حَسَّان: الوافر:
وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللهِ فِينَا ** وَرُوحُ الْقُدْسِ لَيْسَ لَه كِفَاءُ

وقال عمران بن حِطَّان: البسيط:
وَالرُّوحُ جِبْرِيلُ مِنْهُمْ لاَ كِفَاءَ لَهُ ** وَكَانَ جِبْرِيلُ عِنْدَ اللهِ ماأْمُونَا

الثانية: كذلك إلا أنه فتح الجيم، وهي قراءة ابن كثير والحسن، وقال الفَرَّاء: لا أحبها؛ لأنه ليس في كلامهم فَعْلِيلُ وما قاله ليس بشيء؛ لأن ما أدخلته العرب في لسانها على قسمين قسم ألحقوه بأبنيتهم كلِجَامٍ، وقسم يلحقوه كإِبْرَيْسَمٍ، على أنه قيل: إنه نظير شَمويل اسْمَ طائر.
وعن ابن كثير أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ {جَبْرِيلَ ومِيكَائيلَ}، قال: فلا أزال أقرؤها كذلك.
الثالثة: جَبْرَئِيل كَعْنتَريس، وهي لغة قيس وتميم، وبها قرأ حمزة والكسائيُّ؛ وقال حسَّان: الطويل:
شَهِدْنَا فَمَا تَلْقَى لَنَا مِنْ كَتِيبَةٍ ** يَدَ الدَّهْرِ إِلاَّ جَبْرَئِيلُ أمَامَهَا

وقال جريرٌ: الكامل:
عَبَدُوا الصَّلِيبَ وَكَذَّبُوا بِمُحَمَّدٍ ** وَبِجَبْرئِيلَ وَكَذَّبُوا مِيكَالاَ

الرابعة: كذلك إلاَّ أنه لا ياء بعد الهمزة، وتروى عن عاصم ويحيى بن يعمر.
الخامسة: كذلك إلاّ أن اللام مشددة، وتروى أيضاَ عن صام ويحيى بن يعمر أيضًا قالوا: وإِلٌّ بالتشديد اسم الله تعالى.
وفي بعض التفاسير: {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًا وَلاَ ذِمَّةً} [التوبة: 10] قيل: معناه: الله وروي عن أبي بكر لما سمع بِسَجْع مسيلمة: هذا كلام لم يخرج من إِلَّ.
السادسة: جَبْرَائِل بألف بعد الرَّاء، وهمزة مكسورة بعد الألف، وبها قرأ عكرمة.
السابعة: مثلها إلا أنها بياء الهمزة.
الثامنة: جِبْرَائيل بياءين بعد الألف من غير همزة، وبها قرأ الأعمش ويحيى أيضًا.
التاسعة: جِبْرَال.
العاشرة: جِبْرَايل بالياء والقصر، وهي قراءة طلحة بن مُصَرِّف.
الحادية عشرة: جَبْرِينَ بفتح الجيم والنون.
والثانية عشرة: كذلك إلا أنه بكسر الجيم.
والثالثة عشرة: جَبْرايين.
والجملة من قوله: {مَنْ كَانَ} في محلّ نصب بالقول، والضمير في قوله: {فإنّه} يعود على جبريل وفي قوله: {نزله} بعود على القرآن، وهذا موافق لقوله: {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين} [الشعراء: 193] في قراءة من رفع {الروح} ولقوله: {مصدقًا}.
وقيل: الأول يعود على الله، والثاني يعود على جبريل، وهو موافق لقراءة من قرأ {نَزَّل بهِ الرُّوح} بالتشديد والنصب، وأتى بالتي تقتضي الاستعلاء دون إلى التي تقتضي الانتهاء، وخصّ القلب بالذكر؛ لأنه خزانة الحِفْظ، بيت الربّ عز وجل وأكثر الأمة على أنه أنزل القرآن عليه، لا على قلبه، إلاَّ أنه خصّ القلب بالذكر؛ لأن الذي نزل به ثبت في قلبه حفظًا حتى أدَّاه إلى أمّته، فلمّا كان سبب تمكّنه من الأداء ثبات حفظه قي قلبه جاز أن يقال: نزله على قلبك، وإن كان في الحقيقة نزل عليه لا على قلبه، ولأنه أشرف الأعضاء.
قال عليه الصَّلاة السَّلام: «أَلاَ إِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ» وأضافه ضمير المخاطب دون ياء المتكلم، وإن كان ظاهر الكلام يقتضي أن يكون على قلبي لأحد الأمرين:
إما مراعاة لحال الأمر بالقول فَتَسْرُد لفظة بالخطاب كما هو نحو قولك: قل لقومك: لا يهينوك، ولو قلت: لا تهينوني لجاز، ومنه قول الفرزدق: الطويل:
أَلَمْ تَرَ أَنِّي يَوْمَ جوِّ سُوَيْقَةٍ ** دَعَوْتُ فَنَادَتْنِي هُنَيْدَةُ: مَاليَا

فأحرز المعنى ونَكَّبَ عن نداء هندية ما لك؟، وإما لأن ثَمَّ قولًا آخر مضمرًا بعد {قل} والتقدير، قل يا محمد: قال الله: {من كان عدوًّا لجبريل فإنه نزله على قلبك}، وإليه نحا الزمخشري بقوله: جاءت على حكاية كلام الله، قل: ما تكلمت به من قولي: من كان عدوًّا لجبريل، فإنه نزله على قلبك فعلى هذا الجملة الشرطية معمولة لذلك القول المضمر، والقول المضمر معمول للفظ {قل}، والظاهر ما تقدم من كون الجملة معمولة للفظ {قل} بالتأويل المذكور أولًا، ولا ينافيه قول الزمخشري، فإنه قصد تفسير المعنى لا تفسير الإعراب.
والضمير في أنه يحتمل معنيين:
الأول: فإن الله نزل جبريل على قلبك.
الثاني: فإن جبريل نزل القرآن على قلبك، ودلت الآية على شرف جبريل عليه السلام وذمّ معادية قاله القُرْطبي رحمه الله تعالى.
قوله تعالى: {بإِذْن اللهِ} في محلّ نصب على الحال من فاعل: {نزله} إن قيل: إنهُ ضمير جبريل، أو من مفعوله إن قيل: إن الضمير المرفوع في نزل يعود على الله، والتقدير: فإنه نزل مأذونًا له أو معه إذن الله، والإذن في الأصل العلم بالشَّيء، والإيذان، كالإعلام، آذن به: علم به، وآذنته بكذا: أعلمته به، ثم يطلق على التمكين، أذن في كذا: أمكنني منه، وعلى الاختبار، فعلته بإذنك: أي باختيارك، وقول من قال بإذنه أي بتيسّره راجع إلى ذلك.
قال ابن الخطيب: تفسير الإذن هُنا بالأمر أي بأمر الله، وهو أولى من تفسيره بالعلم لوجوه:
أولها: أنَّ الإذن حقيقة في الأمر، ومجاز في العلم، واللَّفظ واجب الحمل على حقيقته ما أمكن.
وثانيها: أن إنزاله كان من الواجبات، والوجوب مستفاد من الأمر لا من العلم.
وثالثها: أن ذلك الإنزال إذا كان من أمر لازم كان أوكد في الحجة.
قوله تعالى: {مُصَدِّقًا} حال من الهاء في {نزّله} إن كان يعود الضمير على القرآن، وإن عاد على جبريل ففيه احتمالان:
أحدهما: أن يكون من المجرور المحذوف لفهم المعنى، والتقدير: فإن الله نزّل جبريل بالقرآن مصدقًا.
الثاني: أن يكون من جبريل بمعنى مصدقًا لما بين يديه من الرسل، وهي حال مؤكدة، والهاء في {بين يديه} يجوز أن تعود على القرآن أو على جبريل.
وأكثر المفسرين على أن المراد ما قبله من كتب الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام لا يخصّ كتابًا دون كتاب، ومنهم من خصَّه بالتوراة، وزعم أنه إشارة إلى أن القرآن يوافق التوراة في الدلالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. اهـ. باختصار.